ثورة الشمال السوري والهوية الوطنية الأستاذ: عمار السّـمر

Posted on 22 أكتوبر 2010 بواسطة



ثورة الشمال السوري والهوية الوطنية

 

الأستاذ: عمار السّـمر:

– المقدمـة:

يسود الاعتقاد أحياناً أن النظر إلى حوادث التاريخ ودوافعه سهل وبسيط، ولكن الأمر أكثر تعقيداً. وقد قال ابن خلدون في مقدمته: إن للتاريخ ظاهراً وباطناً، ظاهره حوادث وباطنه تحليل وتعليل. ومن هنا سيتم تحليل ثورة الشمال السوري. فهناك من ينظر إلى المعارك والثورات التي قامت ضد الاحتلال الفرنسي في سورية على أنها ردات فعل غير مخططة على الاحتلال، ولا يعطيها تفسيراً أكثر من ذلك، خاصة وأن غالبية المشاركين فيها كانوا من الفلاحين البسطاء. ولكن الحقيقة غير ذلك، وتبيانها أحد أهداف هذه الدراسة.

كما نظر البعض إلى هذه الثورات من زاوية أيدلوجية ما، فحملها أكثر مما تحتمل. أما الكتابات الأجنبية فأغلبها قد قلل من شأنها، فعلى سبيل المثال: معركة ميسلون (24 تموز 1920)، التي تشكل أحد أهم الأحداث في تاريخ سورية الحديثة، صورت على أنها مجرد معركة صغيرة إن لم نقل مناوشة للجيش الفرنسي قام بها السوريون الغاضبون بقيادة وزير حربيتهم يوسف العظمة الذي استشهد في تلك المعركة، [1] ولا تحاول تلك الكتابات الاقتراب من معنى المعركة وأثرها، خاصة إذا ما علمنا أن السوريين بعد الاستقلال قد كتبوا على باب الجامعة السورية العبارة التالية: “ثأر وقعة ميسلون-ذكرى دخول القوى الوطنية في 14 شعبان 1364 الموافق 24 تموز 1945”[2] في دليل على ما تعنيه ميسلون لهم وبقائها حية بعد أن أصبحت جزءاً من الذاكرة المشتركة التي لا خلاف حولها، وأصبح يوسف العظمة رمزاً يجمع السوريين جميعاً. رغم أن الفرنسيين قد اعتقدوا بأنهم بعد تلك المعركة قد قضوا على الدولة العربية الوليدة، كما اعتقدوا مخطئين أنهم قضوا على الهوية الجديدة (وطنية- قومية) التي برهنت أنها أقوى مما كانوا يتصورون، رغم ما كان يشوبها من أمراض استطاعت تجاوزها يوماً بعد يوم، وإن كانت لم تصل بعد إلى الاستقرار الكامل لعدة عوامل ليست مجالاً للبحث في هذه الدراسة.

كما أطلقت كتابات أخرى[3] على “الثورة السورية الكبرى 1925- 1927” أسم “الثورة الدرزية” رغم اشتراك عدة مناطق سورية فيها إلى جانب جبل العرب (الدروز) الذي انطلقت منه وكان أحد معاقلها الرئيسية وكان منه قائدها العام سلطان باشا الأطرش، ولكن سرعان ما تحولت الثورة من محلية إلى وطنية وأصبحت دمشق وزعمائها الوطنيون في مقدمة المجاهدين، كما تحرك ضمنها باقي المناطق السورية (ريف دمشق، حمص، حماه، الجولان). [4]

واليوم، مع موجة الاستلاب التي تتعرض لها الهوية الوطنية في بلادنا والكثير من البلاد، بعد أن باتت في حالة دفاع وتأكيد على ذاتها، كان من المفيد في الفترة الأخيرة في سورية عودة الاهتمام ـ ولو على نطاق ضيق ـ إلى أحد مكونات الهوية الوطنية والقومية، ألا وهو التاريخ الذي طالما تم التأكيد عليه مراراً من خلال الأيدلوجية القومية العربية. ولكن على ما يبدو فإن التاريخ الرسمي والمدرسي لم ينجح كثيراً في الوصول إلى أحد أهم أهدافه في خلق ذاكرة جماعية لكل السوريين، فيها اتفاق على الأحداث والأبطال المشتركين، خاصة بعد انتشار وسائل الإعلام والمعلومات الحديثة التي تدفع نحو ظهور ذواكر (جمع ذاكرة) غير مشتركة عابرة للحدود الوطنية والعربية والإسلامية، وكل ذلك في ظل حالة التراجع والضعف العام الذي يصيب العالمين العربي والإسلامي.

كانت مصادفة بسيطة[5] تكفي لمعرفة حجم ذلك التراجع، خاصة بين جيل الشباب الذين عرفوا الكثير عن الشخصيات الوطنية أثناء دراستهم الإعدادية. والمفاجأة أن من هم أكبر سناً كان حال أغلبهم كحال اليافعين، ومن كان منهم يعرف تلك الشخصيات اختلف في تقييمهم عن غيره فمنهم من رأى بعضهم أبطالاً لمناطقهم وجماعاتهم فقط، وليس لسورية كلها.

كان هناك خلاف على هؤلاء الرجال على الرغم من أن التاريخ الرسمي ـ طوال عشرات السنين ـ قدمهم كأبطال لكل سورية وليس لمناطقهم. فهذه الشخصيات والأحداث التي شاركوا فيها من المراحل الهامة في التاريخ الوطني وتركت بصمات لا تمحى في حياة السوريين، خاصة وأنها رافقت طفولة الهوية الوطنية السورية. هذا وتعدَّ ثورة الشمال التي قادها الزعيم إبراهيم هنانو عام 1919 ضد المحتل الفرنسي من تلك الأحداث التي تملك دلالات كثيرة.

أعتقد أن ما ذكرته يجعل إعادة قراءة تجاربنا التاريخية المشتركة ضرورة ملحة لدعم أسس الهوية الوطنية، خاصة في ظل الهجمة النقدية التي تحاول النيل من هويتنا الوطنية والقومية والإسلامية، فكيف إذا وجد حدث مثل ثورة الشمال تتوفر فيه هذه الأبعاد الثلاثة. فقد وقعت مع بداية الدولة السورية الحديثة، وتركزت جغرافياً على الحد الفاصل بين ما هو عربي وغير عربي، وجاءت بعد النهاية العملية للدولة-الخلافة الإسلامية العثمانية.

تركز هذه الدراسة على ثورة الشمال ودلالات المكان والزمان والأشخاص المشاركين فيها، وعلى الوعي التاريخي من حيث أن هذه العوامل تحدد هوية أي مجتمع. وفي هذه الحالة، التي كان المجتمع يمر فيها بمرحلة انتقالية، يُعَدُّ تناول مسألتي تطور الوعي والهوية عسيراً. ومع ذلك تحاول هذه الدراسة استقصاء مظاهر ومعاني ودلالات تطور الهوية الوطنية من خلال الأحداث ومساهمة الفاعلين الموجودين على الساحة آنذاك، من قادة ومجاهدين، وسيتم تناول ذلك بشكل خاص من خلال مذكرات ثلاثة من المشاركين الرئيسيين في الأحداث (الشيخ يوسف السعدون، والضابط إبراهيم الشغوري، وجميل إبراهيم باشا)، وما تخفيه تلك المذكرات وراء السطور، من وعي بالمكان والزمان والنظرة إلى الأحداث. فقد كان الشيخ يوسف السعدون قائد المنطقة الأولى في ثورة الشمال، أما إبراهيم الشغوري فقد انتدبته الحكومة العربية في حلب كضابط اتصال مع هذه الثورة فمنحه هنانو ثقته حتى تم أسره سنة 1921 وتسليمه إلى تركية التي بقي فيها حتى عودته إلى سورية سنة 1923. أما جميل إبراهيم باشا فكان أحد الزعماء الحلبيين المقربين من الزعيم هنانو.

– الثورة ودلالات الزمان والمكان:

تعد الفترة التي تلت نهاية الدولة العثمانية من المراحل المهمة في تاريخ المنطقة بسبب ما رافقها من تطورات، وظهور الدول القطرية تحت الاحتلال الأوربي بعد تقسيم بلاد الشام، ووأد الدولة العربية التي أمل العرب في قيامها. وفي هذه المرحلة الانتقالية جرى العمل على تثبيت دعائم الدول القطرية التي كانت مبهمة المعالم، مما جعل الكثيرين يستغرقون وقتاً لاستيعاب الأوضاع الجديدة. فقد كانت الدولة العثمانية توفر نوعاً من المواطنة لجميع الشعوب المنضوية تحت حكمها، حتى تحركت هذه الشعوب ومنها العرب تحت راية القومية العربية التي سرعان ما صُدمت بالاحتلال الأوربي فكان الحنين للعثمانيين بعد مدة قصيرة من رحيلهم حتى إن هذا الحنين وصل إلى أعلام الطورانية التركية مثل مصطفى كمال. ولكن التطلع إلى الوراء لم يستمر طويلاً واستمر التحرك بقوة إلى الأمام نحو الدولة والهوية الوطنية- القومية العربية.

قامت الثورة في شمال سورية حيث الحد الفاصل بين ما هو عربي وتركي، في وقت لم تكن الحدود قد رسمت، [6] ولكنها مع ذلك قامت ضد عدو مشترك للعرب والأتراك. وتركزت الثورة في الريف رغم قول أغلبية المؤرخين إن مركز الحركة الوطنية كان في المدن، وإن الريف كان غارقاً في محليته، ولكن هذه الثورة أثبتت أن الريف لم يكن أقل وطنية ومقاومة للاحتلال من المدينة فثار بينما اكتفت مدينة حلب بالدعم السياسي والمادي. [7] وهكذا كان أولئك المجاهدون الذين عاشوا في الريف السوري يسهمون في تغيير المستقبل السياسي لبلدهم دون أن يدركوا ذلك.

قامت الثورة بعد الحرب العالمية الأولى على عتبة تحول كبير عصف بالدولة العثمانية، رافقه نمو الوعي القومي العربي ودون غياب الحس الإسلامي. قامت في المرحلة الانتقالية بين الماضي العثماني والحاضر العربي السوري. الزمن القريب من الماضي العثماني الذي استمر حوالي أربعة قرون في زمن ضاعت فيه معالم الأشياء فلم يكد يدرك السكان معنى رحيل الأتراك الذي عملوا من أجله حتى صدموا بالاحتلال الفرنسي. فكانت التفاتة سريعة إلى الماضي وحنيناً إلى العثمانيين الأخوة في الدين بعد مدة قصيرة من رحليهم. بينما نظر الكماليون إلى الأمر على أنه طريق للعودة إلى الماضي العثماني ولكن بالصيغة التركية بدل الإسلامية.

 

– دلالات الوحدة والعدو والصديق:

يقدم صمويل هنتنجتون (Samuel Huntington) في نظريته المشهورة عن صدام الحضارات “الهوية” بوصفها رديفاً “للعداء”، فهل العدو يوحد ويظهر معالم الهوية وإن كانت في طور التكوين؟ نعم العدو يوحد ويساعد على بلورة الهوية. فقد قامت ثورة الشمال ضد الاحتلال الفرنسي العدو المشترك للريف والمدينة وسورية والعرب والترك والمسلمين، فكانت الثورة سبباً للوحدة على عدة مستويات مما مكنها من تحقيق مكاسب هامة. وحدت الثورة الريف مع المدينة (حلب، وجبل الزاوية، وجبل القصير، واسكندرون)، مع أن الثورة لم تكن مدينية، فقد نشبت في الريف قبل شهور من الاحتلال الفرنسي لمدينة حلب في تموز 1920، مما دفع الزعماء القوميين-الوطنيين يفرون إلى المناطق الريفية الأكثر أماناً، وقام زعماء الأحياء بتجنيد المقاتلين وإرسالهم إلى الثورة، كما قام ملاك الأراضي والتجار في حلب بإرسال التبرعات للثورة، وهكذا أمدت حلب الثورة بالمال والرجال والسلاح، [8] ولكن دون أن تثور المدينة نفسها.

كما وحدت الثورة الشمال مع الجنوب والغرب (دمشق والشمال والساحل السوري)، [9] وتحدث عن ذلك بالتفصيل إبراهيم الشغوري في مذكراته. [10] كما وحدت الثورة إلى حد كبير الطبقات الاجتماعية (الفلاحين والملاك). ووحدت مكونات المجتمع السوري ونقضت الفكرة الفرنسية القائلة إن سورية عبارة عن مجموعة شعوب وطوائف لا رابط بينها، فقد تبادلت ثورة الشمال الدعم مع ثورة الساحل، [11] وكان ثوار منطقة صهيون (الحفة) جزءاً منها، [12] وشارك فيها بنسب متفاوتة السكان العرب والأتراك والأكراد، وعشائر البدو. [13]

وكان لمصادر دعم الثورة دلالات كبيرة فبدايةً تلقت الدعم والتوجيه من الحكومة العربية في العاصمة دمشق التي ظلت وفية للثورة حتى النهاية ولم تلتفت لإنذار غورو. وبعد احتلال دمشق توجه الزعيم هنانو لطلب الدعم من الأتراك. يقول السعدون في مذكراته: “بعد رحيل فيصل لم يكن حولنا دولة أو أمة صديقة يعقد معها التحالف سوى الأمة التركية الذين تجمعنا معهم المصيبة وبلادهم محتلة من عدوين (بريطانية وفرنسة) وهم بحاجة للتحالف”، [14] فعقد هنانو مع صلاح الدين عادل باشا اتفاقاً تضمن عدة بنود، [15] تدل أن الزعيم هنانو كان يتكلم باسم جميع السوريين وليس باسمه واسم ثورة الشمال فقط، وكأن الاتفاق يتم بين دولتين هما سورية وتركية، كما يدل الاتفاق على إدراك هنانو لأهمية ما سيوقعه مع الأتراك. مع أن هنانو ـ بسبب حاجة الثورة للدعم ـ قبل ببعض الشروط التي لاقت اعتراضاً من قادة ثورة الشمال فعندما علم نجيب عويد أحد قادة الثورة أن هنانو رفع على معسكره العلم التركي والعربي ثار وقيل إنه هدد هنانو بالقتل. [16] مع أن هنانو رجل الحرب والسياسة لم يكن يقصد من ذلك سوى إثارة الحماس في النفوس وأن تركية كانت تقف إلى جانب الثورة. بينما نجد القائد العسكري الفذ نجيب عويد في ذلك الموقف يدل على تعصبه الوطني الشديد منذ ذلك الوقت، وقد اشتهر عنه عدم المهادنة. [17]

وتبين لاحقاً أن الدعم التركي كان آنياً لتحقيق أكبر قدر من المكاسب لتركية التي كانت تحارب الجيش الفرنسي، وعندما حصلت على ما تريد تركت الثورة لمصيرها أمام الجيوش الفرنسية، لا بل تحدثت تقارير فرنسية عن إرسال الأتراك بعد اتفاقهم مع الفرنسيين عملاء سياسيين إلى شمال سورية متنكرين في هيئة تجار لحث الناس على الاستسلام للفرنسيين. [18] كما عامل الأتراك الثوار المنسحبين إلى أراضيهم مثل (يوسف السعدون ونجيب عويد وعمر البيطار) بكل قسوة، وحاولوا أن يجعلوا منهم عملاء تحت الطلب ولكنهم رفضوا وفروا من تركية إلى سورية. [19] وقد أدرك ذلك الزعيم هنانو بحسه الوطني ففضل الانسحاب إلى الأردن البلد العربي[20] البعيد عن مركز الثورة حتى لا يلصق بالثورة تهمة التبعية لتركية. وينتقد السعدون من يزعمون أن ثورة الشمال كانت لصالح الأتراك، ويقول إنه ورفاقه انسحبوا إلى تركية مضطرين. [21]

كان اتفاق تركية مع فرنسة وتخليها عن دعم الثورة يمثل القطيعة ونقطة اللاعودة إلى الماضي العثماني، فقد أحست القيادة الوطنية في الشمال أنه تم خيانتها، وأن الفرنسيين والأتراك اتفقوا على حسابهم، خاصة بعد أن سمح الفرنسيون للأتراك بضم المناطق الشمالية من ولاية حلب العثمانية إلى تركية، كما سمحوا لها بنشاطات في سنجق اسكندرون الذي كانت تخطط لضمه إليها مما يحرم حلب من منفذها على البحر المتوسط. لذلك في أعقاب انهيار الثورة وزوال أوهامهم بشأن الكماليين، غير وطنيّو حلب ـالمتأثرون بالماضي العثماني ـ اتجاههم السياسي واعتمدوا في النهاية بكل قلوبهم فكرة النضال السوري الموحد من أجل الاستقلال الوطني، وبدؤوا بتوثيق صلاتهم مع دمشق. [22] وهكذا كانت البراغماتية التركية إلى جانب العدو الفرنسي سبباً إضافياً للوحدة وبلورة الهوية الوطنية السورية..

– العروبة والإسلام والوطنية:

ثار العرب ضد الدولة العثمانية تحت راية القومية العربية، وليس خافياً أن الكثير من العرب كانوا مؤمنين بالرابطة الإسلامية التي تجمعهم مع الدولة العثمانية لذلك لم يشاركوا في الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين، خاصة بعد تحالفها مع الأوروبيين أعداء الإسلام. وعندما احتل الفرنسيون والإنكليز بلاد الشام عادت من جديد فكرة التحالف مع الأتراك، الأخوة في الدين.

وفي ظل عدم تبلور الهوية الوطنية السورية بشـكل كامل ـ خاصة في الأرياف ـ كان العامل الإسلامي السبب الرئيسي الذي دفع أولئك الفلاحين إلى قتال الجيش الفرنسي، ويمكن ملاحظة التأثير الإسلامي بقوة في مذكرات الشيخ يوسف السعدون[23] قائد المنطقة الأولى من الثورة، والتي كتبها في فترة ما بعد الاستقلال، فترة المد القومي العربي، التي لم يتأثر بها فظهر التأثير الإسلامي بقوة في تلك المذكرات. وكان الواجب الديني والجهاد الدافع الرئيسي للثورة والقتال، كما قدم السعدون أدلته وبراهينه على الثورة وأسبابها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. مما يؤكد أن الإسلام كان الدافع الأهم لتلك الثورة الوطنية وبالتالي فهو من أهم مكونات الهوية الوطنية إلى جانب العروبة.

ويظهر من الممارسات العملية للمجاهدين أن الدافع الإسلامي لم يتناقض مع القومية العربية والمواطنة. فعندما حاول بعضهم مهاجمة غير المسلمين باسم الثورة كان قادة الثورة لهم بالمرصاد وعاقبوهم بأشد العقوبات التي وصلت إلى حد الإعدام، مما يؤكد إدراكهم أن غير المسلمين جزء من تكوين هذا البلد، رغم الأوقات العصيبة التي كانت تمر بها الثورة، ومحاولة الاحتلال زرع التفرقة الدينية والطائفية بين السكان عن طريق استمالتها لبعض الزعماء للعمل معها، ومحاولة الإيحاء أن طوائف هؤلاء الزعماء معها، ولكن قادة ثورة الشمال لم ينخدعوا وفرقوا بين أولئك الزعماء وبين الناس العاديين. [24] ففشلت محاولة زرع الفرقة. ولم يصلنا أن الثورة قد تعاملت مع أحد الطوائف أو المناطق على أساس غير وطني، فشارك فيها سكان شمال سورية بمختلف انتماءاتهم الدينية والقومية، كما تعاونت مع ثورة الساحل السوري والتقى زعيما الثورتين هنانو والشيخ صالح لتنسيق الكفاح ضد الفرنسيين. [25] فما الذي كان يجمع كل هؤلاء؟ إنها سورية، رغم حداثة تكونها وعدم استقرار حدودها النهائية آنذاك..

– ثورة الشمال وتأكيد موقف النخبة الوطنية:

كانت حلب وشمال سورية أقرب بلاد العرب إلى العاصمة العثمانية إستنبول، وقد ارتبط ازدهارها الاقتصادي إلى درجة كبيرة بعلاقتها مع الأناضول. هذه الخلفية جعلت المنطقة متأثرة أكثر من غيرها بالحكم العثماني وبالتأثير الثقافي والاجتماعي التركي، مما أدى إلى استيعاب النخبة الحلبية أكثر من الدمشقية في الثقافة العثمانية، حتى أن التحدث بالتركية كان شائعاً لديها أكثر، كما أن قرب حلب من استنبول والأناضول جعل أصول بعض النخبة فيها تركية وكردية بسبب المصاهرة. [26] كما جعلت الصلات الاقتصادية لحلب مع استنبول وسوقها الرئيسي في الأناضول النخبة تحافظ على علاقات جيدة مع السلطة العثمانية حتى أن الحلبيين الذين انضموا للثورة العربية لم يكونوا يريدون لها أن تصل إلى الحد الذي بلغته في تحطيم أواصر الوحدة الإسلامية وتساعد في الدولة العثمانية، وتفصل حلب عن امتدادها التركي. [27] وهذا ما جعل بعض النخبة الحلبية في المرحلة الانتقالية التي تلت نهاية الدولة العثمانية حائرة. وقد راهن الفرنسيون في البداية رهاناً خاسراً على ذلك لاعتقادهم أن حلب ومحيطها سيكونان أقل مقاومة من دمشق عاصمة العروبة. ويمكن تلمس تأثير ثورة الشمال في موقف النخبة الحلبية من خلال تقديم مثال هو مذكرات جميل إبراهيم باشا[28] سليل إحدى العائلات الحلبية الكبيرة. فمن خلال مذكراته يمكن تتبع معالم تلك المرحلة الانتقالية ومعنى إدراك الهوية الوطنية.

كان جميل إبراهيم باشا في بدايته عثماني الهوى، فرفض الانضمام إلى الجمعيات العربية، وانضم إلى جمعية الاتحاد والترقي، وانسحب مع الجيش العثماني، وبقي في إستنبول حتى عام 1919. وكان مقتنعاً بانتصار الأتراك فرفض في البداية العودة إلى سورية رغم عودة الكثير من رفاقه للمساهمة في الاستقلال. وقال لهم: “اذهبوا وقاتلوا نحن باقون هنا لأن بلادنا لن تستقل الآن، لأن للإنكليز والفرنسيين مطامع بها، لاسيما بعد أن افترقنا عن دولة إسلامية”. [29] كما كان من مؤيدي مصطفى كمال ويعول على حركته. وبعد عودته إلى حلب التي كانت تحت الحكم الفيصلي، توافق مع عدد من زعماء حلب مثل شاكر بك الشعباني، [30] والحاج فاتح المرعشلي، ومصطفى برمدا، وعبد القادر الكيخيا وغيرهم، على تأسيس حزب يدعم الكماليين، وكانوا يرون أن الحكم الفيصلي لن يستمر، واشترطوا لدعمه أن يتفق الملك فيصل مع مصطفى كمال. وقد أرسلت هذه المجموعة جميل إبراهيم باشا إلى تركية للاتصال مع مصطفى كمال. [31] كما أصبح الحاج فاتح المرعشي الوسيط بين هنانو وصلاح الدين عادل باشا قائد الجيش التركي في مركز مرعش، الذي أمد الثورة بالمال والسلاح. [32]

وعندما نشبت ثورة الشمال بقيادة هنانو بث لها جميل إبراهيم باشا الدعاية ودعمها من زاوية تأييده لتعاون هنانو مع الأتراك. [33] ولكن بعد تخلي الأتراك عن الثورة ونهايتها تحوَّل كلياً إلى العمل السياسي الوطني وخاصم زملاءه القدامى من مؤيدي تركية بعد أن تحول قسم منهم إلى تأييد الفرنسيين، [34] وتحول القسم الآخر منهم إلى الوطنية حتى إن الحاج فاتح المرعشي كان الممول الأول لثورة الشمال. [35] وهكذا أدرك جميل إبراهيم باشا أن قدره متعلق بسورية فأصبح في فترة الانتداب أحد أقطاب الحركة الوطنية في الشمال، ومن المقربين من الزعيم هنانو. ومن تلك اللحظة اختفت أخبار تركية ومصطفى كمال من مذكراته بعد أن كانت مركزية فيها. وتركز حديثه على النضال الوطني السوري ضد الفرنسيين.

ونستطيع أن نرصد من خلال هذه المذكرات التحولات الهامة في فكر جميل إبراهيم باشا، فبعد نهاية الحرب العالمية الأولى كان على اتصال بالأتراك، فنراه في مدينة عينتاب يقابل الكثير من الناس والمسؤولين الرسميين الأتراك ويقدم لهم طلباته الخاصة. يتحرك في عينتاب وكأنه لم يدرك بعد أبعاد هزيمة الدولة العثمانية وظهور الدولة السورية الحديثة، فلم تكن الهوية الوطنية الجديدة قد تبلورت بعد. ثم ينتقل شيئاً فشيئاً إلى الإطار المحلي السوري دليلاً على إدراكه أن تركية قد أصبحت دولة أخرى وراء الحدود التي بقيت رخوة لسنوات طويلة. وهي ظاهرة اتسمت بها تخوم الدول العربية التي تشكلت بعد انهيار الدولة العثمانية نتيجة وجود شعب واحد. ولكن تلك الحدود ترسخت شيئاً فشيئاً مع نمو قوة الدولة القطرية المصبوغة بالقومية العربية.

لقد كانت الثورة العربية الكبرى عام 1916 المنعطف الهام في توجه النخبة الدمشقية نحو القومية العربية، بينما لم تكن كذلك بالنسبة للنخبة الحلبية، بل كانت ثورة الشمال المنعطف الهام في تحولها.

ومن ناحية أخرى، فإن ثورة الشمال خلقت مشروعية وطنية لا شك فيها لزعمائها وعلى رأسهم هنانو، الذي كرسته زعيماً بلا منازع لحلب وكل شمال سورية، وجعلته يقف في وجه أفراد من النخبة التي حاولت التعاون مع المحتل، فما لبث هؤلاء أن اختفوا خلف هنانو. كما أن الزعامة التي حاز عليها بسبب الثورة ومواقفه الوطنية جعلت المترددين من النخبة يتأكدون أن لا خيار أفضل من الوطن. فجمع هنانو حوله الوطنيين في حلب وشمال سورية في الكتلة الوطنية التي قادت النضال في كل سورية من أجل الاستقلال. مع أن تلك الزعامة التي حاز عليها هنانو والتركيز عليه فقط، جعل بقية زعماء ثورة الشمال يشعرون بالمرارة لإهمال دورهم. [36]

 

الخاتمـــــــة:

وهكذا نرى أن دلالات ثورة الشمال ونتائجها على المستوى الوطني كانت أكثر أهمية من الإنجازات العسكرية التي حققتها الثورة، فقد كانت دفعاً قوياً للمرور من المرحلة الانتقالية التي تلت نهاية الدولة العثمانية حيث اختلطت المفاهيم، فرسمت الثورة الحدود بين ما هو سوري وما هو تركي. كما كشفت للفرنسيين خطأ تصوراتهم بعدم وجود شعب سوري واحد من خلال تواصل ثورة الشمال مع عدة مناطق سورية، إضافة إلى مشاركة شريحة متنوعة من السكان فيها رغم اختلاف أصولهم. حين وحدتهم النظرة إلى عدوهم ومصيرهم. فساهمت بذلك ثورة الشمال في تنمية الحس والهوية الوطنية السورية.


 

مصادر ومراجع الدراسة

المذكرات:

–       مذكرات إبراهيم الشغوري عن ثورة هنانو، الإضبارة 128، المصنف34، القسم الخاص، مركز الوثائق التاريخية بدمشق.

–       مذكرات أحمد سامي السراج، من بقية السيوف، إعداد: خيرية قاسمية، ط1، مط. دار الفكر، دمشق، 2003.

–       مذكرات جميل إبراهيم باشا، نضال الأحرار في سبيل الاستقلال، مط. الضاد، حلب، 1958.

–       مذكرات الشيخ يوسف السعدون، الإضبارة 127، مصنف 33، القسم الخاص، مركز الوثائق بدمشق.

 

المراجع العربية والمعربة:

–       أدهم آل الجندي، تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي، مط. الاتحاد، دمشق، 1960.

–       ستيفن هامسلي لونغريغ، تاريخ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، ترجمة. بيار عقل، ط1، مط. دار الحقيقة، بيروت، 1978.

–       فيليب خوري، سوريا والانتداب الفرنسي، ترجمة مؤسسة الأبحاث العربية، ط1، مط مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1997.

–       عبد اللطيف اليونس، ثورة الشيخ صالح العلي، نشر وزارة الثقافة والإرشاد القومي، مط. دار اليقظة العربية، دمشق، 1961.

–       منذر الموصلي، البحث عن الذات- العلويون العرب السوريون.. الأصول- الجذور والانتماء، ط1، مط. الداية، دمشق، 2007.

 

المراجع الأجنبية:

Michael Provence، The Great Syrian Revolt and the Rise of Arab Nationalism، First edition، University of Texas Press، U. S. A، 2005.

مقابلة شخصية:

مقابلة مع السيد أحمد السعدون، والمهندس فادي السعدون، إضافة إلى عدة أفراد آخرين من عائلة السعدون. في منزل العائلة في بلدة سلقين- إدلب، بتاريخ

 


[1] -ستيفن هامسلي لونغريغ، تاريخ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، ترجمة. بيار عقل، ط1، مط. دار الحقيقة، بيروت، 1978، ص 132.

[2] – الجامعة السورية اسمها اليوم جامعة دمشق، و الباب الذي كتبت فوقه العبارة هو باب الجامعة القديم الذي تشغله كليتا الحقوق والشريعة اليوم.

[3] – لونغريغ، تاريخ سوريا ولبنان، ص 199 و ص209.

[4] – ظهرت بعض الكتابات المنصفة مثل: Michael Provence, The Great Syrian Revolt and the Rise of Arab Nationalism, First edition, University of Texas Press, U.S.A, 2005.

[5] -كنت أشارك في إعداد معرض صور فوتوغرافية عن النضال الوطني في سورية، تضمن صوراً لأهم الشخصيات والأحداث في تاريخ سورية الحديث، وكان يساعدنا أحد الشباب اليافعين، وعندما كنا نعمل على بعض صور كبار الشخصيات الوطنية السورية (هنانو أو سعيد العاص أو صالح العلي وغيرهم)، فوجئت أنه لا يعرف من هؤلاء، وعندما سألت غيره ممن هم في عمره، كانت حالهم كحاله باستثناء معرفتهم للشيخ صالح العلي الذي كنا نقيم المعرض في بيته وفي بلدته وهم أبناء تلك البلدة، ولكنهم كانوا يجهلون باقي الشخصيات.

[6] –  ستُرسَم حدود سورية والدول العربية لاحقاً من قبل بريطانية وفرنسة، ولكن بغياب أصحاب الشأن.

[7] – يتكلم الشيخ يوسف السعدون في مذكراته بمرارة عن موقف حلب وعلمائها وعدم تحريضهم على الجهاد الذي كان فرض عين، والتقاعس عنه رغم وجود كميات كبيرة من السلاح في المدينة من مخلفات الجيش العثماني. مذكرات الشيخ يوسف السعدون، ص 12- 13، الإضبارة 127، مصنف 33،  القسم الخاص ، مركز الوثائق التاريخية بدمشق.

[8] –  فيليب خوري، سوريا و الانتداب الفرنسي، ترجمة مؤسسة الأبحاث العربية، ط1، مط مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1997، ص139.

[9] –  نقل ثوار الشمال أسلحة وذخائر من تركية إلى ثورة الساحل بقيادة الشيخ صالح العلي. مذكرات الشيخ يوسف السعدون، ص 31.

[10] – مذكرات إبراهيم الشغوري عن ثورة هنانو، الإضبارة 128، المصنف34، القسم الخاص، مركز الوثائق التاريخية بدمشق.

[11] – أدهم آل الجندي، تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي، مط. الاتحاد، دمشق، 1960، ص 83. كذلك عبد اللطيف اليونس، ثورة الشيخ صالح العلي، نشر وزارة الثقافة والإرشاد القومي، مط. دار اليقظة العربية، دمشق، 1961، ص 61.

[12] – كان الشيخ عمر البيطار قائد منطقة صهيون في ثورة الشمال، أحد قادة الثورة الأربعة إلى جانب الشيخ يوسف السعدون قائد الثورة في منطقة قصير انطاكية، ومصطفى الحاج حسين قائد الثورة في جبل الزاوية، ونجيب عويد القائد العسكري لثورة الشمال. بينما كان زعيم الثورة العام إبراهيم هنانو.

[13]–  تناول السعدون هذه المواضيع في كامل مذكراته.

[14] – مذكرات السعدون ، ص 16-17.

[15] – أهم شروط الاتفاق: تقديم مساعدات للثوار في سورية، العلم الذي سيرفع يكون على وجهين الأول العلم العربي والثاني تركي، يكتب على الأول (إنما المؤمنون أخوة) وعلى الوجه الثاني (فأصلحوا بين أخويكم)، لا تحدد حدود بين سورية وتركية إلا بعد جلاء العدو عن أراضيهما وحصولهما على الاستقلال التام، المساعدة التركية إلى سورية هي إعانة أخ لأخيه لا لطمع أو مغنم، تقدم الحكومة التركية مدربين للثوار على أن يعود هؤلاء إلى تركية بعد تدريب السوريين. مذكرات السعدون، ص 17- 18.

[16] – مذكرات جميل إبراهيم باشا، نضال الأحرار في سبيل الاستقلال، مط. الضاد، حلب، 1958، ص 30.

[17] – كان هناك شكوك متبادلة بين الكماليين والوطنيين في  حلب، فقد كان  بعض الوطنيين يخشون من احتلال الأتراك لحلب، ولم ينسوا أن مصطفى كمال هو من قاد الجيش العثماني في انسحابه من سورية عندما دخل الحلفاء إلى حلب بمساعدة العرب، مع ذلك كان الطرفان  يدركان أنهما يقاتلان عدواً مشتركاً. فيليب خوري، سوريا والانتداب الفرنسي، ص 138

[18] – فيليب خوري، سوريا والانتداب الفرنسي، ص 142.

[19] – عندما أراد الأتراك ضم اسكندرون أرسلوا إلى كلٍّ من نجيب عويد الذي كان في مدينة كلس التركية، والشيخ يوسف السعدون في عينتاب، وطلبوا منهم تفجير الثورة في اسكندرون ضد الفرنسيين لضمه إلى تركية، ولكنهم رفضوا ذلك. مذكرات السعدون ، ص 17.

[20] –  بعد وصول هنانو إلى عمان أخبره الزعماء السوريون اللاجئون هناك عن خيبة أملهم بالأمير عبد الله وعمله من أجل القضية العربية. وهنا أدرك أنه عول على غير معول فسافر إلى القدس حيث تمكن الإنكليز من القبض عليه وتسليمه إلى الفرنسيين. من بقية السيوف- مذكرات أحمد سامي السراج، إعداد: خيرية قاسمية، ط1، مط. دار الفكر، دمشق، 2003، ص 85- 86.

[21] – مذكرات السعدون ، ص 17.

[22] – فيليب خوري، سوريا والانتداب الفرنسي، ص 143- 144.

[23] –  تظهر الروح الإسلامية في كامل مذكرات الشيخ يوسف السعدون. وهذا غير مستغرب بسبب ثقافته الإسلامية التي أكدتها عائلته والكتابات الأخرى للشيخ. مقابلة مع السيد أحمد السعدون، والمهندس فادي السعدون، جرت في منزل العائلة في بلدة سلقين، بتاريخ 21/11/ 2008 .

[24] – مذكرات السعدون، ص 8-9.

[25] – منذر الموصلي، البحث عن الذات- العلويون العرب السوريون..الأصول- الجذور والانتماء، ط1، مط. الداية، دمشق، 2007، ص 193- 194. كذلك عبد اللطيف اليونس، ثورة الشيخ صالح العلي، ص 61.

[26] – أصول كلاً من الزعيم إبراهيم هنانو و جميل إبراهيم باشا كردية، ولكنهم استعربوا مع الزمن.

[27] – فيليب خوري، سوريا و الانتداب الفرنسي، ص134-135.

[28] –  مذكرات جميل إبراهيم باشا، مصدر سبقت الإشارة إليه. وكان قد أعدها للنشر قبل وفاته سنة 1958، ونشرت بعد وفاته وقدم لها عبد الرحمن الكيالي. النسخة الخطية من هذه المذكرات محفوظة في مركز الوثائق التاريخية بدمشق، الاضبارة 30، مصنف 5، القسم الخاص.

[29] – مذكرات جميل إبراهيم باشا، ص 11.

[30] –  كان الشعباني ضابطاً عثمانياً، وقضى عدة سنوات في فرنسا ممثلاً للحكومة العثمانية، كما أصبح مندوباً لحلب في مجلس المبعوثان وعارض الثورة العربية الكبرى، وبعد قيام الدولة العربية بقيادة الملك فيصل شكل الحزب الديمقراطي في حلب، الذي توجه بشكل رئيسي إلى كبار الموظفين العثمانيين السابقين. وكان الشعباني على اتصالات سرية مع الفرنسيين، وبعد احتلالهم لحلب قرر حزبه التعاون معهم. وحاول الشعباني إقناع الزعماء القوميين في حلب الالتحاق به وببعض وجهاء المدينة المتعاونين مع الاحتلال، ولكنهم رفضوا. فيليب خوري، سوريا والانتداب الفرنسي، ص 145.

[31] – مذكرات جميل إبراهيم باشا، ص 13- 15.

[32] – أدهم آل الجندي، تاريخ الثورات السورية، ص125.

[33] – مذكرات جميل إبراهيم باشا، ص 30 – 31.

[34] – أدانت عائلة إبراهيم باشا وبعض العائلات الوطنية الأخرى في حلب مثل الجابري موقف شاكر نعمت الشعباني وعائلته، كما أدانت غيره من  الوجهاء، ووصموا بالخيانة بسبب تعاونهم منذ الأيام الأولى مع الاحتلال الفرنسي. المصدر نفسه، ص 16. كذلك فيليب خوري، سوريا والانتداب الفرنسي، ص 145.

 

[35] – أدهم آل الجندي، تاريخ الثورات السورية، ص125.

[36] – يمكن ملاحظة ذلك من خلال مذكرات الشيخ يوسف السعدون.